کد مطلب:167952 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:143

ابن زیاد و المفاجأه السارة عند المساء
قال الشیخ المفید (ره): (ولمّا تفرّق الناس عن مسلم بن عقیل طال علی ابن زیاد، وجعل لایسمع لاصحاب ابن عقیل صوتاً كما كان یسمع قبل ذلك، قال لاصحابه: أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحداً؟

فأشرفوا فلم یروا أحداً!

قال: فانظروهم، لعلّهم تحت الظلال قد كمنوا لكم!

فنزعوا تخائج المسجد، وجعلوا یخفضون بشعل النار فی أیدیهم وینظرون فكانت أحیاناً تُضیء لهم، وأحیاناً لاتُضیء كما یریدون، فدلّوا القنادیل، وأطناب القصب تُشدُّ بالحبال فیها النیران، ثمّ تُدلّی حتی تنتهی إلی الارض، ففعلوا ذلك فی أقصی الظلال وأدناها وأوسطها، حتّی فُعل ذلك بالظلّة التی فیها المنبر، فلمّا لم یروا شیئاً أعلموا ابن زیاد بتفرّق القوم. [1] .


ففتح باب السدّة التی فی المسجد، ثمّ خرج فصعد المنبر، وخرج أصحابه معه، فأمرهم فجلسوا قبیل العتمة، وأمر عمرو بن نافع فنادی: أ لابرئت الذمّة من رجل من الشُرط والعرفاء والمناكب أو المقاتلة صلّی العتمة إلاّ فی المسجد.

فلم یكن إلاّ ساعة حتی امتلاالمسجد من الناس، ثمّ أمر منادیه فأقام الصلاة، وأقام الحرس خلفه [2] وأمرهم بحراسته من أن یدخل علیه أحدٌ یغتاله! وصلّی بالنّاس، ثمّ صعد المنبر: فحمد اللّه وأثنی علیه، ثم قال:

أمّا بعدُ: فإنّ ابن عقیل السفیه الجاهل قد أتی ما قد رأیتم من الخلاف والشقاق! فبرئت ذمّة اللّه من رجل وجدناه فی داره، ومن جاء به فله دیته، إتقوا اللّه عباد اللّه، والزموا طاعتكم وبیعتكم، ولاتجعلوا علی أنفسكم سبیلاً. یا حصین بن نمیر [3] ثكلتك أمّك إنّ ضاع باب سكة من سكك الكوفة، أو خرج هذا الرجل ولم تأتنی به، وقد سلّطتك علی دور أهل الكوفة فابعث مراصد علی أهل السكك، وأصبح غداً فاستبرء الدور وَجِسْ خلالها، حتّی تأتینی بهذا الرجل وكان الحصین بن نمیر علی شرطته وهو من بنی تمیم ثم دخل ابن زیاد القصر، وقد عقد لعمرو بن حریث رایة وأمّره علی الناس..). [4] .

وفی روایة الفتوح: (ثمّ نزل عن المنبر، ودعا الحصین بن نمیر السكّونی فقال: ثكلتك أمّك إن فاتتك سكّة من سكك الكوفة لم تُطبق علی أهلها أو یأتوك بمسلم


ابن عقیل! فواللّه لئن خرج من الكوفة سالماً لنریقنّ أنفسنا فی طلبه! فانطلق الان فقد سلّطتك علی دور الكوفة وسككها، فانصب المراصد وجُدَّ الطلب حتّی تأتینی بهذا الرجل.). [5] .


[1] وفي الاخبار الطوال: 239: (ثمّ إنّ ابن زياد لمّا فقد الاصوات ظنّ أنّ القوم دخلوا المسجد، فقال: انظروا، هل ترون في المسجد أحداً؟ وكان المسجد مع القصر فنظروا فلم يروا أحداً، وجعلوا يشعلون اطناب القصب، ثمّ يقذفون بها في رحبة المسجد ليضيء لهم، فتبيّنوا فلم يروا أحداً، فقال ابن زياد: (إنّ القوم قد خُذِلوا، وأسلموا مسلماً، وانصرفوا!).

[2] في تأريخ الطبري، 3:288 (فقال الحصين بن تميم: إنّ شئتَ صلّيت بالناس أو يُصلّي بهم غيرك، ودخلت أنت فصلّيتَ في القصر فإني لاآمن أن يغتالك بعض أعدائك! فقال: مُرْ حَرَسي فيقوموا ورائي كما كانوا يقفون، ودُرْ فيهم، فإني لست بداخل إذن..).

[3] في تأريخ الطبري، 3:289 (يا حصين بن تميم).

[4] الارشاد: 195.

[5] الفتوح، 5:90.